إدارة ترامب تعيد تقييم نفوذ بنك الاحتياطي الفيدرالي: هل يلوح في الأفق تغيير جذري؟

إعادة تقييم نفوذ بنك الاحتياطي الفيدرالي: خطوة غير مسبوقة؟

تشير التقارير الواردة من مصادر مطلعة إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تدرس بنشاط سبلًا لزيادة نفوذها على بنك الاحتياطي الفيدرالي، المؤسسة المسؤولة عن السياسة النقدية في الولايات المتحدة. وتأتي هذه الخطوة في أعقاب محاولات سابقة للرئيس ترامب للضغط على بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة، مما أثار بالفعل مخاوف بشأن استقلالية البنك المركزي.

التركيز الرئيسي لهذه الجهود الجديدة ينصب على البنوك الفيدرالية الإقليمية الـ 12، والتي تلعب دورًا حيويًا في تحديد السياسة النقدية من خلال مشاركتها في اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC). على عكس أعضاء مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي الذين يتم تعيينهم من قبل الرئيس ويوافق عليهم مجلس الشيوخ، يتم اختيار رؤساء البنوك الفيدرالية الإقليمية من قبل مجالس إدارات بنوكهم، وهي عملية تخضع حاليًا لتدقيق متزايد من قبل الإدارة.

آلية عمل بنك الاحتياطي الفيدرالي

لفهم أهمية هذه القضية، من الضروري فهم كيفية عمل بنك الاحتياطي الفيدرالي. يتكون بنك الاحتياطي الفيدرالي من جزأين رئيسيين: مجلس المحافظين واللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC). يتألف مجلس المحافظين من سبعة أعضاء يتم تعيينهم من قبل الرئيس ويوافق عليهم مجلس الشيوخ. تحدد اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة السياسة النقدية للولايات المتحدة، والتي تشمل تحديد أسعار الفائدة والتحكم في المعروض النقدي. تتألف اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة من 12 عضوًا: سبعة أعضاء من مجلس المحافظين وخمسة رؤساء من بنوك الاحتياطي الفيدرالية الإقليمية. رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك هو عضو دائم في اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، بينما يتناوب رؤساء البنوك الفيدرالية الإقليمية الأحد عشر الآخرون على شغل المقاعد الأربعة المتبقية.

تأثير محتمل على السياسة النقدية

إذا نجحت إدارة ترامب في التأثير على اختيار رؤساء البنوك الفيدرالية الإقليمية، فقد يؤدي ذلك إلى تغيير في توجه السياسة النقدية. على سبيل المثال، إذا تم تعيين رؤساء يفضلون أسعار فائدة منخفضة، فقد يؤدي ذلك إلى سياسة نقدية أكثر تيسيرًا، مما قد يؤدي إلى التضخم. من ناحية أخرى، إذا تم تعيين رؤساء يفضلون أسعار فائدة مرتفعة، فقد يؤدي ذلك إلى سياسة نقدية أكثر تشديدًا، مما قد يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي.

مخاطر التدخل السياسي

يثير تدخل الإدارة في عملية اختيار رؤساء البنوك الفيدرالية الإقليمية مخاوف بشأن استقلالية بنك الاحتياطي الفيدرالي. لطالما اعتبرت استقلالية البنك المركزي أمرًا بالغ الأهمية للحفاظ على استقرار الاقتصاد. إذا كان البنك المركزي خاضعًا للضغوط السياسية، فقد يتخذ قرارات لا تخدم المصالح الاقتصادية طويلة الأجل.

على سبيل المثال، إذا ضغطت الإدارة على بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة قبل الانتخابات، فقد يؤدي ذلك إلى انتعاش اقتصادي قصير الأجل، ولكنه قد يؤدي أيضًا إلى التضخم على المدى الطويل. وبالمثل، إذا ضغطت الإدارة على بنك الاحتياطي الفيدرالي لرفع أسعار الفائدة لكبح التضخم، فقد يؤدي ذلك إلى تباطؤ النمو الاقتصادي.

مستقبل بنك الاحتياطي الفيدرالي

من غير الواضح ما إذا كانت إدارة ترامب ستنجح في جهودها لزيادة نفوذها على بنك الاحتياطي الفيدرالي. ومع ذلك، فإن هذه الجهود تثير تساؤلات مهمة حول استقلالية البنك المركزي وتأثير ذلك على السياسة النقدية. مستقبل بنك الاحتياطي الفيدرالي - وما إذا كان سيظل مؤسسة مستقلة قادرة على اتخاذ قرارات تخدم المصالح الاقتصادية طويلة الأجل - يعتمد على كيفية حل هذه القضايا.

في الختام، فإن محاولة إعادة تقييم نفوذ بنك الاحتياطي الفيدرالي تعتبر خطوة جريئة وغير مسبوقة من قبل الإدارة. وتطرح هذه الخطوة تساؤلات حيوية حول استقلالية البنك المركزي، وتأثير التدخل السياسي المحتمل على السياسة النقدية، والمخاطر التي قد تنجم عن ذلك على الاقتصاد الأمريكي. يبقى أن نرى كيف ستتطور هذه الأحداث، ولكن من الواضح أن مستقبل بنك الاحتياطي الفيدرالي واستقراره يلعبان دوراً حاسماً في تحديد المسار الاقتصادي للبلاد.